منافسة غير متكافئة بين المسلسلات المحليّة والتركيّة… لهذه الأسباب التركي تفوّق
في رمضان ٢٠٢٠، قدّم المنتجون اللبنانيون نخبة من الأعمال الدراميّة أنفقوا عليها الملايين، لكن الكلمة الاولى كانت للأعمال التركية. تربّعت هذه الأخيرة على عرس الأعمال الأكثر مشاهدةً، وبعدها بأشواط حلّت المسلسلات المحلية والعربية المشتركة.
يحاول بعض صناع الدراما المحلية الإيحاء أن دراما الأتراك مجرد حشو مشاهد، وقصص مكررة، وأعمال لا تحترم عقل المشاهد، للتّصويب على هذا الأخير ومنح أعمالهم صك براءة من منافسة غير متكافئة، لكنّ الحقيقة في مكانٍ آخر.
يتساءل البعض، لماذا الدراما التركية سيدة عندنا؟ نفتح لها شاشتنا وعيوننا وقلوبنا؟ ببساطة، لأنّ أعمالنا الفنية ضامرة وشحيحة وهزيلة وشاحبة مقارنة بتلك الدراما النضرة الشيقة الرشيقة. فتعلقنا بالفن حيث يصنع بأعلى جودة.
الدراما التركية تولّي الانتباه لادقّ التفاصيل فيأتي العمل متماسكاً حقيقياً عفوياً. تضع أمام المشاهد إمكانات لا تحصى فالممثل يلبس دوره ويلبسنا حد التصديق أننا في واقع أخر وأمام حياة أخرى. قادرون على اختراقنا من الوريد الى الوريد. نعيش حياتهم، نسعد لأفراحهم، نحزن لمأساتهم، ننتصر لفوزهم ونتكدر لمصابهم لأنهم ببساطة حقيقيون.
يبدع صناع الدراما في صياغة كاراكتيرات الشخصيات، لا شيء متروك للصدفة. فحتى ملكات الجمال وعارضات الازياء القادمات إلى عالم الدراما يخضعن لدورات تمثيلية، ومن تخفق منهن تنكفىء من العمل الأوّل، بينما عندنا تاج الجمال له هيبة في الاعمال الدرامية حتى لو لم يكن مقروناً بالموهبة.
فالأتراك يعملون تحت سيف الرايتينغ المسلّط على رقابهم، يصوّرون ويعرضون تزامناً مع كتابة النص، وعندما تنحدر أرقام المشاهدة، يعدّلون في النص، يبتدعون شخصيات جديدة، وينهون المسلسل سريعاً إذا لم تأتِ الخطوات الإنقاذيّة بفائدة تذكر.
فشل أعرق النجوم في اختبار الرايتنغ، فالمشاهد التركي لا يعطي أسباباً تخفيفيّة، فشلت بيرين سات في مسلسل ” السلطانة قسم”، وفشل كيفانش تاتليتوغ المعروف بمهند في الموسم الثاني من “ليث ونورا”، وفشل كينان أميرزالي اوغلو في مسلسل ” محمد الفاتح”، وفشلت مريم اوزيرلي الشهيرة بالسلطانة هيام في “أميرة الليل”، كما فشل النجمان أنجين أكيوريك وفهرية أفجان في مسلسل ” حتى الممات”.
لم تشفع نجومية ممثل لمسلسل، فالجمهور التركي يرفض فكرة أن يكون النجم رافعة العمل كما هي الأجواء عندنا، حيث نرضى بالقليل ونبرّر الفشل والإخفاق في وسط ليس مطلوب منه إلا النجاح.
في صناعة الدراما التركية كل شيء متكامل بلا نقصان والتفوّق هو المطلوب. النص خالٍ من الحشو هناك فقط أحداث وتغيير لا مماحكة مملة ولا حوارات لزجة. دوماً النص يطرق السدان ليضع المسمار حيث يجب.
لم تستقطب الدراما التركية المشاهد العربي فحسب، بل وصلت إلى العالميّة، حتى أنّ منصّة نتفليكس استثمرت فيها مع مسلسل “The protector” لشاتاي اولوسوي ثم مسلسل عطية لبيرين سات والنهضة العثمانية مع نخبة من النجوم بينهم توبا بويوكستون، وثم الكثير من الأعمال قيد التحضير.
نحتاج الكثير من الإبداع بدءاً من كتابة نصوص ذات قيمة بعيدة عن اللت والعجن المقيت. وصولاً إلى صناعة عالية مرفّهة ومتّقنة تكون قادرة على تصوير مشهد نقول بعده هذا يطبعنا ويشبهنا. وأبطال متواضعين لا مكياج لهم سوى الفن بكل متطلباته.
نقد رائع ????
تخيلت من العنوان ان المقال سيكون مليئا بالتبرير والترقيع لل “دراما” المحلية واذ به افضل توصيف
لكن للأسف..
لا من يقرأ
واذا قرأ لن يفهم
واذا فهم لن يتغير